الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة الممثلة التونسية حفصية حرزي: أفضّل البطالة على تمثيل دور غير مقنع

نشر في  18 ماي 2015  (12:27)


اشتهرت التونسية المولودة في جنوب فرنسا حفصية حرزي عام 2007 وهي بعد في العشرين من عمرها، بفضل مشاركتها في الفيلم الناجح «الحب والسمك» لعبداللطيف كشيش، إذ سمح لها دورها الصعب فيه باستحقاق جائزة «سيزار» أفضل أمل في السينما الفرنسية، ثم جائزة مرادفة لها في مهرجان البندقية.
وتوالت العروض السينمائية لاحقاً لحرزي فظهرت في فيلم «فجر العالم» للمخرج العراقي عباس فاضل، كما اختارتها المغربية سعاد البوهاتي في فيلمها «فرنسية» لتقمص شخصية فتاة عربية الجذور مولودة في فرنسا ومضطرة فيما بعد إلى الإقامة في المغرب مع عائلتها. وعملت حرزي تحت إدارة السينمائي برتران بونيلو في فيلمه «أبولونيد»، ثم في «منبع النساء» لرادو ميهالينيو، وفي «رجل وكلبه» لفرانسيس هوستير الذي أسند إليها أيضاً بطولة مسرحية «ماريوس وفاني وسيزار» من إخراجه، وأخيراً تولت الدور الرئيسي في فيلم «حلال بشهادة» للجزائري محمود زموري، وهو فيلم يروي التبادل بالخطأ الذي يدور بين عروس جزائرية في قرية صغيرة وفتاة جزائرية أخرى مقيمة في فرنسا تناضل في سبيل حقوق المرأة، وتتردد إلى الجزائر لزيارة عائلتها فتجد نفسها في مأزق صعب.
ويتعرض الفيلم للواقع الاجتماعي النسائي في الجزائر ولوضع المرأة العربية في الغرب، وذلك في شكل فكاهي على رغم جدية مضمون الحبكة.

ولمناسبة نزول الفيلم إلى دور العرض، التقت «الحياة» حفصية حرزي في باريس وحاورتها.

 ما الذي أثار اهتمامك في فيلم «حلال بشهادة»؟

- شهرة المخرج محمود زموري كانت بمثابـــة دافع أول وأساسي لقبولي المشاركة في الفيلم قبل حتى أن أقرأ السيناريو. فالرجل أخرج في الماضي مجمـــوعة من أجمل الأعمال السينمائية الجـــزائرية والفرنسية الجزائرية المشتركة. وأنا فـــرحت لكونه قد فكر في منحي أحد أدوار فيلمــه الجديد، ولم أغير رأيي بعد قراءتي النص، بل على العكس وجدت الحبكة ذكية وفكاهية في آن معاً، وأعجبتني شخصية الفتاة الجزائرية المقيمة في فرنسا والمناضلة في سبيل حقوق المرأة، التي تجد نفسها في مناسبة زيارة عائلية إلى الجزائر، حبيسة عائلة ثانية تخلط ما بينها وبين عروس ابن العائلة وتخطفها. والفيلم يثير أكثر من سؤال حول وضع المرأة العربية في بلدها وفي الغرب أيضاً. وقد دار التصوير في جو عائلي بين فرنسا والصحراء الجزائرية، وتعامل زموري معي كأنني ابنته تماماً، بمعنى أنه شجعني ووبخني في آن معاً، وذلك من أجل الدفع بي إلى تقديم أفضل ما عندي. وأنا سعيدة بمشاركتي في هذا العمل وأعتبر نتيجته أكثر من جيدة فوق الشاشة.

 هل ترفضين بعض الأدوار المطروحة عليك؟

- أنا في الحقيقة أرفض منها أكثر مما أقبل لأنني بكل بساطة لا أرغب في تكريس صــورة الفتاة المغتربة التي تعاني من ألـــف مشكلة ومشكلة في الغرب فتجد نفسها مضطرة إلى ممارسة الدعارة أو تعاطي المخدرات. لذا أتمعن في قراءة النصوص التي تصلني وأسعى إلى حسن إدراك أبعاد الشخصية المطلوب مني تمــثيلها أمام الكاميرا. وإذا وجدت هذه الأخيرة عربية سلبية تنازلت عنها بلا أي تردد إذ إنني أفضل البقاء فترة طويلة بلا عمل على أن أشارك في عمل لا يرضيني.

 ما هي إذاً مقومات النجاح بالنسبة إلى ممثلة عربية في الغرب وفق رأيك؟

-الذكاء ثم مثلما ذكرته تواً، عدم قبول أي عرض مغر يأتي، والحرص على حسن قراءة السيناريوات قبل الموافقة عليها، والصبر، إذ إن انتظار الدور الجيد هو شيء أفضل من التهافت على دور لا يستحق الاهتمام.

 كيف عشت تجربة وقوفك فوق خشبة مسرح أنطوان الباريسي العريق بإدارة المخرج والممثل الفرنسي الكبير فرانسيس هوستير؟

- منحني فرانسيس هوستير الدور النسائي الأول في فيلمه «رجل وكلبه» فتقاسمت البطولة مع جان بول بلموندو الذي عاد هنا إلى السينما بعد توقفه سنوات طويلة بسبب إصابته بجلطة في المخ. وحدث لي الشرف طبعاً بالعمل إلى جوار عملاق مثله، غير أنني اكتشفت فيه كل سمــات الرجل الإنساني الحنون والمتواضع إضــافــة إلى الفنان الحرفي المهني العظيم. لقد نصحني ورعاني وكأنني ابنته. وأنا عشت في هذه المناسبة تجربة فنية إيجابية تركت بصماتها على شخصيتي كامرأة وكفنانة. وقبل ذلك شاركت في مسرحية من إخراج هوستير أيضاً مأخوذة من الأدب الفرنسي الكلاسيكي هي «فاني وماريوس وسيزار» لمارسيل بانيول. وهنا أديت دور فتاة فرنسية من مرسيليا، الأمر الذي أفرحني إلى أبعد حد لأنني نشأت في هذه المدينة وأعرفها عن ظهر قلب وأعود إليها في شكل دوري لزيارة عائلتي، ثم إنني أجيد التحدث بلكنتها المميزة. وقد شكلت مسرحية «فاني وماريوس وسيزار» أول تجربة لي فوق الخشبة بعدما تابعت بعض الدروس الفنية في كونسرفاتوار الفنون المسرحية في باريس، وذلك في شكل مواز لتحصيلي الجامعي في كلية الحقوق.

 لماذا درست الحقوق إذا كان اتجاهك هو الفن؟

-لأنني شعرت بأنه لا بد لي من أن أتعلم مهنة حقيقية قد تسمح لي بكسب لقمتي إذا حدث وتوقفت عن التمثيل في يوم ما، لأنني على دراية تامة بكون العمل في الفن عادة ما تسوده التقلبات وبأنه قد ينتهي بين يوم وليلة.

 وهل فتحت تجربتك المسرحية شهيتك على الاستمرار في هذا الميدان؟

-لا، فعلى رغم أنني خرجت من هذه التجربة مسرورة لم أشعر أبداً بالرغبة في معاودتها، وأستطيع التأكيد الآن أنني ممثلة سينمائية أولاً وأخيراً، أعشق الكاميرا وأميل إلى إعادة المشهد مرات ومرات إلى أن يطابق رغبة المخرج في شكل كلي، على عكس المسرح الذي لا يعطي الممثل أدنى فرصة للإعادة إذا أخطأ نظراً إلى وجود المتفرج في القاعة مباشرة.

 ما هي ذكرياتك عن أول أفلامك «الحب والسمك» بإدارة عبداللطيف كشيش؟

- كشيش هو أول من اكتشف قدرتي على الأداء التمثيلي المتنوع، وبالتالي منحني بطولة فيلمه «الحب والسمك» وعاملني وكأنني صاحبة خبرة طويلة أمام الكاميرا طالباً مني اللعب بمظهري وزيادة وزني 15 كيلوغراماً من أجل هذا الدور. وقد شعرت حينذاك أنني فنانة كبيرة مثل روبرت دي نيرو الذي صار بديناً من أجل تقمصه شخصية الملاكم جيك لاموتا في فيلم «الثور الهائج» لمارتن سكورسيزي. لقد دفع بي كشيش إلى التحدي وإلى تعدي قدراتي المزعومة والبحث في أعماق نفسي عن إمكانات أقوى، وفعلت، وهذا الشيء هو الذي سبب نجاحي في الدور المعني ولفت انتباه أهل المهنة إلى وجودي في الساحة السينمائية.

هل تأملين معاودة العمل مع عبداللطيف كشيش إذاً؟

- سأخوض قريباً جداً أول تجربة فنية لي كمخرجة سينمائية، وكشيش هو الذي سيتولى إنتاج فيلمي، وأنا أعتبر مثل هذا الشيء بمثابة تطور هائل في علاقتنا الفنية أنا وهو.

 كيف تصفين هذا الفيلم؟

- كتبت الفيلم من الألف إلى الياء على النمط الفكاهي إذ إنني أعشق الكوميديا عموماً، وحاله حال أي عمل مضحك سيتعرض الفيلم لمشاكل حقيقية يعيشها أبطال حبكته، وهذا ما صار تماماً في فيلم «حلال بشهادة».

المصدر: الحياة